الجري أم المشي؟ أيهما أفضل لصحتك؟

 

الجري أم المشي؟ أيهما أفضل لصحتك؟

العقدة: هل الجري أفضل من المشي لصحتك؟ أم أن المشي هو الخيار الأكثر أمانًا وفعالية؟

عندما يتعلق الأمر بتحسين الصحة العامة واللياقة البدنية، يعتبر الجري والمشي من أكثر الأنشطة الشائعة التي يمارسها الناس. يختار البعض الجري كوسيلة للحصول على نتائج سريعة في تعزيز اللياقة البدنية وحرق الدهون، بينما يميل آخرون إلى المشي نظرًا لأنه أكثر راحة وأقل إجهادًا. لكن السؤال الذي يطرحه الكثيرون هو: أي من هذين التمرينين أفضل لصحتك؟ هل الجري يقدم فوائد أكبر مقارنة بالمشي، أم أن المشي هو الخيار الأكثر أمانًا؟

يعد هذا السؤال مثارًا للجدل لأن كلا النشاطين لهما فوائد صحية عديدة، ولكن الاختيار بينهما يعتمد على مجموعة من العوامل بما في ذلك هدف الشخص، مستوى لياقته، عمره، وحالته الصحية. لذا، هل الجري أفضل لأنك ستحرق المزيد من السعرات الحرارية في وقت أقصر؟ أم أن المشي هو الخيار الأفضل للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في المفاصل أو يبحثون عن تمرين أقل إرهاقًا؟ سنغوص في هذا المقال في الحقائق العلمية حول فوائد الجري والمشي ونوضح أيهما أفضل لصحتك بناءً على البحث العلمي.

التعمق في العقدة: الفوائد العلمية للجري والمشي

1. الجري وفوائده لصحة القلب

يعتبر الجري من التمارين الهوائية المتميزة التي يمكن أن تساعد في تحسين صحة القلب والأوعية الدموية بشكل كبير. عند الجري، يتم تحفيز القلب لضخ الدم بشكل أكثر قوة، مما يزيد من فعاليته في توصيل الأوكسجين إلى العضلات والأعضاء الأخرى. وبالتالي، يعتبر الجري وسيلة فعالة لتعزيز القدرة الهوائية أو القدرة على التحمل (Cardiovascular Endurance).

  • دراسات علمية:
    في دراسة نشرتها دورية Journal of the American College of Cardiology، أظهرت الأبحاث أن الجري المنتظم يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية. كما أظهرت دراسة أخرى نشرتها مؤسسة Mayo Clinic أن الجري يمكن أن يقلل من مستويات الكوليسترول الضار (LDL) ويزيد من مستويات الكوليسترول الجيد (HDL)، مما يعزز من صحة القلب بشكل عام.

  • زيادة الكثافة:
    من خلال الجري، يعمل الجسم على حرق المزيد من السعرات الحرارية مقارنة بالمشي، مما يساهم في تقليل الدهون وزيادة اللياقة البدنية. لكن هناك جانبًا آخر يجب أن نأخذه في الحسبان: الجري يمكن أن يكون مرهقًا لبعض الأشخاص، خاصةً أولئك الذين يعانون من مشاكل في المفاصل أو الظهر.

2. المشي وفوائده لصحة المفاصل

المشي هو تمرين أقل إجهادًا ويعد أكثر أمانًا لأولئك الذين يعانون من مشاكل صحية مثل آلام المفاصل أو التهاب المفاصل. يتيح المشي لكثير من الناس، بما في ذلك كبار السن أو الأشخاص الذين يمرون بتعافٍ من إصابة، الحفاظ على مستوى جيد من النشاط البدني دون التعرض لخطر الإصابات.

  • دراسات علمية:
    أظهرت دراسات نشرتها مؤسسة الصحة الوطنية (NIH) أن المشي المنتظم يمكن أن يساعد في تقليل التورم والألم لدى الأشخاص الذين يعانون من التهاب المفاصل، كما أنه يعزز من مرونة المفاصل. وتعتبر السباحة أيضًا من الأنشطة البدنية التي لا تحمل ضغطًا على المفاصل، لكن المشي، باعتباره نشاطًا أبسط يمكن القيام به يوميًا، يظل خيارًا مثاليًا.

  • التأثير على كثافة العظام:
    أظهرت دراسات أخرى أن المشي المنتظم يمكن أن يعزز من كثافة العظام، مما يساهم في الوقاية من هشاشة العظام، وهي حالة شائعة بين كبار السن. وبالتالي، يعتبر المشي أحد الأنشطة الممتازة للوقاية من المشاكل المرتبطة بالعظام.

3. الجري وتأثيره على الوزن

من المعروف أن الجري يساعد في حرق السعرات الحرارية بشكل أسرع مقارنة بالمشي، مما يجعله خيارًا ممتازًا للأشخاص الذين يهدفون إلى فقدان الوزن. إذا كان هدفك هو حرق الدهون بشكل أسرع، فإن الجري يوفر فرصًا أكبر لتحقيق هذا الهدف.

  • دراسات علمية:
    وفقًا لدراسة نشرتها دورية Obesity، أظهرت الأبحاث أن الجري يمكن أن يساعد في زيادة التمثيل الغذائي وحرق الدهون مقارنةً بالمشي. الجري لمدة 30 دقيقة يمكن أن يساعد في حرق ما بين 400-600 سعر حراري، حسب سرعة الجري ووزن الجسم. بالمقابل، حرق الدهون من خلال المشي قد يتطلب وقتًا أطول، خاصة إذا كنت تمشي بسرعة معتدلة.

  • التحفيز العضلي:
    الجري لا يساعد فقط في حرق الدهون، بل يعزز أيضًا من تقوية عضلات الساقين والظهر. هذه الفوائد العضلية قد تساعد في تحسين أداء الأنشطة اليومية وزيادة القوة البدنية.

4. المشي وفوائده النفسية

على الرغم من أن الجري يوفر فوائد جسدية قوية، إلا أن المشي يمكن أن يكون أكثر فائدة عندما يتعلق الأمر بالصحة النفسية. المشي في الهواء الطلق يمكن أن يساعد في تقليل التوتر والقلق وتحسين الحالة المزاجية.

  • دراسات علمية:
    أظهرت دراسة نُشرت في دورية Psychological Science أن المشي في الطبيعة يمكن أن يقلل من مستويات التوتر ويزيد من الإبداع والوضوح العقلي. يمكن أن يؤدي المشي المنتظم إلى تحسين الحالة النفسية، مما يعزز من الاستقرار العاطفي.

  • التأثير على القلق والاكتئاب:
    أظهرت أبحاث أخرى أن المشي يساعد في إفراز هرمونات السعادة مثل الإندورفين والدوبامين، مما يساهم في تحسين المزاج وتقليل الشعور بالقلق والاكتئاب. بالإضافة إلى ذلك، المشي في بيئة هادئة وطبيعية يمكن أن يحقق فوائد أكبر مقارنةً بالمشي في المناطق الحضرية المزدحمة.

الحل: الجري أم المشي؟ أيهما أفضل لصحتك؟

1. اختر الجري إذا كنت ترغب في:

  • تحسين صحة القلب وزيادة القدرة على التحمل.

  • حرق الدهون بشكل أسرع وتحقيق نتائج سريعة في فقدان الوزن.

  • تقوية عضلات الساقين وزيادة الكثافة العضلية.

  • تحسين التوازن والتركيز الذهني.

2. اختر المشي إذا كنت ترغب في:

  • تمرين منخفض التأثير وآمن للمفاصل.

  • تحسين صحة العظام والوقاية من هشاشة العظام.

  • تقليل التوتر والقلق وتحسين المزاج بشكل عام.

  • بناء لياقة بدنية بشكل تدريجي دون إرهاق.

3. دمج النشاطين معًا:

بناءً على الأبحاث العلمية، من الأفضل الجمع بين الجري والمشي في روتينك اليومي. يمكن أن يكون الجري فعالًا لفترات قصيرة لتحفيز حرق الدهون وتحسين القدرة القلبية، بينما يساعد المشي على استعادة الطاقة وتحقيق فوائد نفسية وجسدية طويلة الأمد. يمكنك تخصيص أيام للجري وأيام أخرى للمشي، أو دمج كليهما في نفس اليوم بتمرين مشي منخفض الشدة يتبعه جلسة جري مكثفة.

الخاتمة: الاختيار يعتمد على هدفك

في النهاية، لا يوجد جواب واحد يناسب الجميع حول ما إذا كان الجري أو المشي هو الأفضل لصحتك. يعتمد الاختيار بين الجري والمشي على أهدافك الشخصية، مستوى لياقتك البدنية، وحالتك الصحية. إذا كنت ترغب في نتائج سريعة في تحسين لياقتك القلبية وحرق الدهون، فإن الجري هو الخيار المثالي. أما إذا كنت تبحث عن تمرين منخفض التأثير يساهم في الحفاظ على صحتك العامة وتقليل التوتر، فإن المشي يعد الخيار الأفضل.

أفضل نصيحة هي دمج كلا النشاطين في روتينك اليومي لتحقيق فوائد متوازنة للجسم والعقل. عليك أن تستمع إلى جسمك وتحدد الأنشطة التي تساعدك في الوصول إلى أهدافك الصحية والجسدية.

تعليقات